يسعى وزير دفاع العدو الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إلى الضغط على الجانب الفلسطيني، وتوجيه الاتهامات جزافاً باستهداف سياسي ضد القيادة الفلسطينية ومؤسّسات "منظّمة التحرير الفلسطينية".
وجديد الوزير المتطرّف، إتهام "الصندوق القومي الفلسطيني" التابع للمنظّمة "بدعمه المستمر لجهات مسؤولة عن نشاطات إرهابية ضد إسرائيل" – وفقاً لمزاعمه.
ووصل الصلف به، إلى الزعم أنّ "الصندوق يستخدم كقناة لنقل الأموال للسجناء الأمنيين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وعائلاتهم"، مهدِّداً باتخاذ "خطوات ضد الصندوق قريباً، بما فيها مصادرة ممتلكاته وأمواله".
إتهام وزير الدفاع الإسرائيلي "الصندوق القومي الفلسطيني" يكشف عن حجم المأزق الذي يُعانيه الكيان الصهيوني في ظل حكومة اليمين المتطرّف بقيادة بنيامين نتنياهو، وعودة حليفه القديم – الجديد ليبرمان إلى الاضطلاع بدور هام في الحكومة ومواقفها المتطرّفة.
ويأتي ذلك بعد الصدمة التي يعيشها قادة الاحتلال إثر الاتصال الذي أجراه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالرئيس الفلسطيني محمود عباس (10 الجاري)، وتراكم الإنجازات الفلسطينية التي حقّقتها القيادة الفلسطينية على أكثر من صعيد.
قرار ليبرمان هو الأول من نوعه ضد هيئة أو منظّمة أو مؤسّسة شرعية فلسطينية منذ توقيع اتفاقية أوسلو في العام 1993.
وقد اعتمد في الأمر الذي أصدره على البند رقم 3 من قانون "مكافحة الإرهاب"، الذي تمّ تحديثه في العام 2016.
وعلّل ليبرمان قراره بأنّ "الصندوق يقوم بدفع ملايين الشواكل مرتبات شهرية للأسرى الفلسطينيين وعائلات الشهداء، وبالتالي دعم الأعمال العدائية ضد إسرائيل"، وفقاً لبيان صادر عن وزارة الدفاع.
واعتبر ليبرمان في البيان أنّ "الصندوق يعتبر الخط المالي الأكبر والمموّل للسلطة بعشرات الملايين من الشواكل، التي تحوّل شهرياً إلى الأسرى الأمنيين في السجون الإسرائيلية"، حسب ما زعمت الإذاعة الإسرائيلية.
وخطورة قرار الوزير الصهيوني، الذي يتولّى وزارة الدفاع، سيحفّز السلطات الإسرائيلية على اتخاذ إجراءات قضائية بحق الصندوق داخل البلاد وخارجها، بهدف ضبط ومصادرة ممتلكاته وأمواله، فيما ستواصل وزارة الأمن وباقي الوزارات الحكومية ذات الصلة عملها، في ما وصفته "مكافحة النشاطات الإرهابية داخل إسرائيل وخارجها".
وأصدرت الرئاسة الفلسطينية بياناً وصفت فيه إعلان ليبرمان، بأنّه "خرق سياسي لاتفاق أوسلو".
وقالت الرئاسة في بيان أصدرته: "إنّ "الصندوق القومي" من مؤسّسات منظّمة التحرير الفلسطينية، والذي يؤدي دوره وفق الاتفاقات الموقعة، ووفق المعايير الدولية بكل شفافية ومراقبة دولية".
وأضاف البيان: "في الوقت الذي تحاول الإدارة الأميركية ومن خلال محادثاتها مع الأطراف كافة، ووجود مبعوث الرئيس ترامب في المنطقة لإيجاد مناخ يساهم في صنع السلام، فإنّ هذا الإعلان يعتبر محاولة إسرائيلية لإعاقة وتخريب الجهود الأميركية والاستخفاف بها".
وتابعت الرئاسة: "نرفض هذا القرار رفضاً تاماً، ونطالب الحكومة الإسرائيلية بمعالجة هذا الأمر فوراً، والتراجع عنه، لأنّ ذلك سيؤدي إلى نسف أسس الاتفاق والعلاقة القانونية مع إسرائيل".
وتابع البيان: "تدعو الرئاسة، دول العالم كافة إلى رفض هذا الإعلان، حفاظاً على اتفاق رعته الولايات المتحدة والعالم بأسره".
ليس مستغرباً "جنوح" وزير الدفاع الصهيوني واستهدافه القيادات والمؤسّسات الفلسطينية في المجال السياسي والأمني، لكن الأمر الخطير استهداف "الصندوق القومي الفلسطيني"، لما يشكّله من مؤسّسة مالية والتهديد بمصادرة ممتلكاته وأمواله، لأنّ ذلك يُنذِر بعواقب وخيمة، لن يرضى بها الفلسطينيون، الذين قدّموا التضحيات وناضلوا من أجل حقوقهم في وطنهم وعودة اللاجئين والمحافظة على استقلالية القرار الفلسطيني، ومن حق المناضلين والشهداء والجرحى والأسرى أن يعانوا وعائلاتهم.
ويأتي التصعيد الإسرائيلي في لحظة مفصلية تشهد فيها منطقة الشرق الأوسط والعالم تغيّرات جذرية بإعادة رسم خريطتها، وهو ما يسعى الاحتلال لاستغلاله، ومحاولة الاستيلاء على مقدرات الشعب الفلسطيني، لأنّ تهديداته واعتداءاته لا تتوقّف، بل تستمر تمادياً بسرقة الأراضي ومحاولة شرعنتها، وهدم البيوت وتوجيه إخطارات بذلك، والاستيلاء على المقدّسات الإسلامية والمسيحية، ومواصلة التوغّل الاستيطاني، وعدم الإلتزام بتنفيذ القرارات والمعاهدات والمواثيق الدولية.
تأسّس "الصندوق القومي الفلسطيني" في العام 1964، بهدف الاهتمام بالأمور المالية المتعلّقة بالمنظّمة، وحدّدت مهامه المختلفة، وفقاً لتعليمات اللجنة التنفيذية للمنظّمة، المتماشية مع قرارات المجلس الوطني الفلسطيني (الذي يمثّل الفلسطينيين داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وخارجها)، وترأس أوّل مجلس إدارة للصندوق عبد المجيد شومان.
ويتولّى منصب المدير العام للصندوق الدكتور رمزي خوري، الذي عيّنه الرئيس "أبو مازن" في العام 2005.
واستطاع الصندوق في الآونة الأخيرة، وبتوجيهات من الرئيس عباس، تحقيق العديد من الإنجازات، التي تجاوزت الأطر التقليدية إلى تمثيل "منظّمة التحرير الفلسطينية" في المؤسّسات المالية العربية والإسلامية والدولية، ما عزّز مكانة المنظّمة ودورها ممثّلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني.
كذلك، القيام بإعداد دراسات وبناء خطوات عملية بما يسهم بتطوير مؤسّسات المنظّمة وصولاً إلى استصدار قرارات من "الأمم المتحدة" لمساعدة الشعب الفلسطيني بتمويل مشاريع لأبنائه.
كذلك نجح الصندوق في استرجاع الكثير من العقارات والأملاك التي كانت قد سجّلت سابقاً بأسماء أشخاص، وجرى تسجيلها على إسم المنظّمة في لبنان وسوريا والعديد من الدول العربية والإسلامية وفي العالم.
استمرار خرق الاحتلال للمواثيق والمعاهدات والأنظمة، ومنها خطوة ليبرمان الأخيرة، تستدعي تحرّكاً يتجاوز الساحة الفلسطينية إلى "جامعة الدول العربية" و"هيئة الأمم المتحدة"، والمؤسّسات المنضّم إليها الصندوق عربياً، إسلامياً ودولياً.